17 - 06 - 2025

ضوء | حكاية فلسطين (أسوأ من هتلر وستالين)

 ضوء | حكاية فلسطين (أسوأ من هتلر وستالين)

الدولة العثمانية كان لها من الإيجابيات والسلبيات، وأهم إيجابياتها رفض السلطان عبدالحميد الثاني بيع الأراضي العربية لليهود، لذلك تم عزله عام 1909، ونشطت المنظمات الصهيونية مجدداً في محاولات إقناع الفلسطينيين ببيع أراضيهم، إلا أنها لم تحقق نجاحاً يذكر سوى مع بعض المُلّاك المغتربين.

وتم تحديد برنامج أهداف الحركة الصهيونية على النحو التالي:

"تسعى الصهيونية إلى تأمين وطن معترف به قانونًا للشعب اليهودي في فلسطين.

ولتحقيق هذا الغرض، تم تحديد الوسائل التالية:

1. الترويج لتوطين المزارعين اليهود والحرفيين والتجار في فلسطين.

2. اتحاد جميع اليهود في مجموعات محلية، وفقًا لقوانين الدول المختلفة.

3. تقوية الشعور والوعي اليهودي.

4. اتخاذ خطوات تحضيرية للحصول على المنح الحكومية لتحقيق الهدف الصهيوني.

وتمت الموافقة على المشروع بالإجماع من مؤتمر بانرمان ١٩٠٧، المؤلف من ٢٠٠ شخصاً.

وبعد سنوات، وفي عام 1915، قدم الوزير البريطاني هربرت صموئيل، مذكرة سرية للحكومة البريطانية، بعنوان "مستقبل فلسطين"، أكد فيها أن الوقت الحالي غير مناسب لإعلان دولة يهودية مستقلة، فيجب وضعها تحت السيطرة البريطانية.

وقدم صموئيل في مذكرة توصيات إلى الحكومة البريطانية بضرورة إعطاء تسهيلات للمنظمات اليهودية لشراء الأراضي، وإقامة مستعمرات وتنظيم الهجرة.

وأصبح الدور البريطاني في هذه المرحلة أكثر وضوحاً، حيث صدر وعد بلفور المعروف، عام 1917، والذي كان عبارة عن رسالة من وزير الخارجية البريطاني، آرثر جيمس بلفور، إلى والتر روتشيلد، وتتضمن وعداً من الحكومة البريطانية بتشكيل وطن قومي لليهود في فلسطين.

وعقب هزيمة الدولة العثمانية على يد الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، وبدء مرحلة الانتداب البريطاني على الأراضي الفلسطينية عام 1920، عينت بريطانيا أول حاكم بريطاني لفلسطين هو هربرت صموئيل، وذلك بعد 5 سنوات من تقديم توصياته للحكومة البريطانية.

أصدر صموئيل الكثير من القرارات التي تسهل سيطرة اليهود على الأراضي الفلسطينية، وفي مقدمتها إلغاء قرار السلطان العثماني عبدالحميد الثاني بتحريم ومنع بيع الأراضي لليهود من خارج البلاد.

وهنا يبرز دور الشريف حسين غير الشريف في هذه المرحلة وتورطه مع المعتمد البريطاني في مصر، هنري ماكماهون، وتكشف عنها المراسلات بينهما، ما بين 14 يوليو 1915 إلى 10 مارس 1916.

وقبل إعلان الدولة الصهيونية عام 1948، كانت المساحة مليون وسبع مئة وثلاثة وأربعين ألف دونم، وهو ما نسبته 6 % من الأراضي الفلسطينية، بينما منحهم قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة 60% من مساحة فلسطين، وخلال حرب 48 احتلوا 80 % من مساحة فلسطين التاريخية".

وتملك الصندوق حتى عام 2007 ما نسبته 13% من الأراضي الفلسطينية، أي نحو 2.6 مليون دونم، حسب صحيفة هارتس.

وتؤكد المعاهدات الدولية الموقعة قبل الانتداب البريطاني للأراضي الفلسطينية بطلان ممارسات سلطة الانتداب في تغيير الواقع الديمغرافي في الأراضي المحتلة إبان فترة الاحتلال.

ثم كانت معاهدة فرساي الموقعة في 28 حزيران 1919، والتي انسحب منها الشريف حسين، والتي وضعت شروطاً للانتداب، حيث جاء في الجزء الأول من ميثاق عصبة الأمم، المادة 23 (ب)، يتعهد الموقعون (من ضمنهم بريطانيا) بتأمين معاملة عادلة للسكان الأصليين للأراضي الواقعة تحت سيطرتهم.

وفي معاهدة لاهاي للسلام الموقعة عام 1899، وتعديلاتها عام 1907، نصت المادة 43 على مطالبة قوة الاحتلال باحترام القوانين المعمول بها في الأراضي المحتلة، ما لم يُمنع ذلك بشكل مطلق.

كما نصت المعاهدة على المحافظة على الحالة الراهنة في المستعمرات، وتجنب إحداث تغيير جوهري في قوانين البلاد أو طريقة تطبيقها.

وبدأت انطلاقة المقاومة العربية، وكانت سلطات الانتداب البريطانية، تدعم مجموعات صهيونية مسلحة تعرف بحراس المستعمرات، مما أجج من غضب الفلسطينيين، ودفعهم للاحتجاج على تلك الممارسات.

وانطلقت ثورة البراق في 1929، بعد مطالبات صهيونية بالسيطرة على "الهيكل" عند حائط المبكى، المقدس لدى اليهود، مطالبين بإعادة بنائه، وقد واجه الإنجليز الثورة بمساعدة عصابات صهيونية مدعومة منها (الهاغانا، والإيرغون، والشتاغ).

وفي عام 1933 تصاعدت الثورة، وبدأ العمل المسلح من قبل مجموعات شعبية فلسطينية غير منظمة، حتى وصلت إلى ذروتها عام 1938.

كما حرمت سلطات الانتداب جميع أشكال المقاومة، وسحبت السلاح من العرب، في الوقت الذي دعمت فيه العصابات الصهيونية بمختلف أنواع الأسلحة،  وفرضت على الفلسطينين سياسة التجويع والترهيب والمجازر.

وبعد الحرب العالمية الثانية، وظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى، خرج اجتماع بالتيمور للحركة الصهيونية مطالباً بتأسيس كومنولث يهودي، عام 1942، برئاسة حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية، وديفيد بن غوريون رئيس الوكالة اليهودية، بقرار، يقضي بنقل الثقل الصهيوني من بريطانيا إلى أمريكا.

وعلى إثر ذلك، في عام 1944 طالب الأمريكي ستيفن وايز  في مؤتمر الصهيونية الذي أقيم في أطلنطا، بالإسراع إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين وطرد العرب منها.

وبدعم من الرئيس الأمريكي هاري ترومان (الرئيس الـ 33 للولايات المتحدة الأمريكية)، وصل إلى الأراضي المحتلة أكثر من 100 ألف مهاجر يهودي من الولايات المتحدة الأمريكية.

وكتب محذراً من سطوتهم وصدق بقوله: "ما أن يتمتع اليهود بنفوذ سياسي أو مالي حتى يصبحوا أسوأ من هتلر وستالين في إساءة معاملة الآخرين".

ثم بدأ الانقلاب على بريطانيا, حين أقرّ المؤتمر الصهيوني، عام 1945، برئاسة حاييم وايزمان، بضرورة الإسراع في إخراج بريطانيا من فلسطين، وبدأت عملية تجهيز قوات العصابات بالسلاح والعتاد لتحقيق الهدف بدعم الصهيونية العالمية.

بدأت تلك العصابات بإنشاء معامل الأسلحة الخاصة بها، وتنفيذ ضربات ضد القوات البريطانية.

بعد عام 1940 كثفت عصابات "الإيرغون" بقيادة مناحيم بيغن، من عمليات استهداف القوات البريطانية عبر تفجيرات متلاحقة وخطف وقتل جنود بريطانيين، فأعلنت بريطانيا أن (بيغن) إرهابي ملاحق ومطلوب، إلا أنه أصبح لاحقاً رئيساً لوزراء الكيان الصهيوني، كما حصل على جائزة نوبل للسلام!

ضربات العصابات الصهيونية أجبرت البريطانيين على إعلان نهاية الانتداب في فلسطين، وإعلان دولة إسرائيل، ولتبدأ تلك العصابات بارتكاب المجازر والمذابح بحق الفلسطينيين، بهدف تهجيرهم والسيطرة على أرضهم.

ومع إعلان قيام الدولة الصهيونية وهزيمة العرب في عام 1948. بدأت مرحلة جديدة من الصراع العربي الصهيوني، لم تقل دموية ومأساوية من سابقاتها، حيث بدأت عمليات التهجير القسري والسيطرة بالقوة على الأراضي الفلسطينية، ليستمر الصراع نحو 75 عاماً دون أي حل يعيد الأرض لأصحابها، فهل حقاً بدأت حقبة زوال الكيان الصهيوني؟ أم أصبح حلمهم قريباً بقيام دولة تمتد من النيل إلى الفرات؟

-------------------------------------

بقلم: د أنيسة فخرو

سفيرة السلام والنوايا الحسنة

المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام

مقالات اخرى للكاتب

 ضوء | حكاية فلسطين (أسوأ من هتلر وستالين)